السلام عليكم:
يبدو أن الأحلام التي صاحبت وصوله لسدة الرئاسة في الولايات المتحدة بدأت تتبخر شيئا فشيئا ، ففي 13 مارس / آذار ، أظهر أحدث استطلاع للرأي العام الأمريكي تراجع الدعم الشعبي لأداء الرئيس باراك أوباما إلى 46 % وذلك بعد أن كانت النسبة تفوق الـ 69 % في بدايات ولايته الدستورية.
وجاء في الاستطلاع الذي أجراه معهد جالوب ونشرت نتائجه صحيفة "الجارديان" البريطانية أن الشكوك بشأن قدرة أوباما على تمرير سياساته وخططه فيما يتعلق بالشئون الداخلية أثرت بشكل كبير في شعبيته بين أنصاره من الديمقراطيين ، بينما يتزايد قلق المستقلين وأنصار الحزب الجمهوري وانتقاداتهم لخطط الرئيس الأمريكي حول إصلاحات النظام الصحي التي يرونها خطة حكومية باهظة الثمن.
والمثير للانتباه أن الاستطلاع السابق تزامن مع ظهور تجمعات شعبية تتواصل فيما بينها عبر المواقع الالكترونية الاجتماعية وتشترك جميعها في السخط على السياسيين الأمريكيين وأبرزهم أوباما ، حيث كشفت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في تقرير لها في 14 مارس / آذار أن هناك حركات سياسية شعبية وليست رسمية ظهرت في الأشهر الأخيرة للاحتجاج على أداء إدارة أوباما والسياسيين التقليديين ويأتي على رأسها "حفلات الشاي " و"حفلات القهوة ".
تظاهرات في إيران ضد أوباما
ووفقا للتقرير ، فإن "حفلات الشاي" هي تجمع للنشطاء من أنحاء أمريكا يشتركون في عدم الثقة بالحكومة الفيدرالية وما يرونه إنفاقا حكوميا متضخما ، وعلى مدى العام الماضي ، نظمت جماعات "حفلات الشاي" مسيرات غاضبة وصارخة في أنحاء أمريكا منددة بالرئيس باراك أوباما وغيره من السياسيين ، ويبدو أن تلك المسيرات توجت بنتائج مثمرة ، حيث ساعدت على فوز الجمهوري سكوت براون بمقعد مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية ماساشوستس التي طالما كانت معقلا تقليديا للديمقراطيين .
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، حيث أنه سرعان ما ظهرت "حفلات القهوة " التي نظمت أكثر من 350 حفلة قهوة أقيمت في مقاه عبر الولايات المتحدة وفي الخارج وضمت ناشطين اجتمعوا في يوم وطني للنقاش واحتساء القهوة.
ورغم أن "حفلات القهوة" تشترك مع "حفلات الشاي " في السخط على السياسيين الأمريكيين وليست أيضا كيانا سياسيا رسميا ، إلا أنها ترى أن بإمكان الحكومة الأمريكية أن توفر حلولا وتريد أن يعمل السياسيون معا بطريقة متحضرة ، على عكس حفلات الشاي التي تريد حكومة أصغر حجما وأقل تأثيرا .
هذا بالإضافة إلى أن "حفلات القهوة" تمثل الأغلبية الصامتة الساخطة على السياسيين لكنها لا تريد أن تعبر عن غضبها بالطرق العدوانية والسلبية التي تنتهجها "حفلات الشاي" التي طالما نظمت مسيرات غاضبة ضد الحكومة في أنحاء أمريكا .
وأيا كانت الاختلافات بين الحركتين الشعبيتين ، فإن الحقيقة التي لاجدال فيها هي أنهما تشكلان صداعا مزمنا لأوباما على المستوى الداخلي ، حيث أن تزايد شعبية الحركتين والتي تتزامن مع إخفاق الرئيس الأمريكي في تحقيق أي من وعوده بالنسبة للسياسة الخارجية من شأنها أن تؤثر على فرص فوزه بولاية ثانية .
إهانة بايدن
بايدن ونتنياهو
ولعل الإهانة التي وجهتها إسرائيل لإدارة أوباما خلال زيارة جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي لتل أبيب في 10 مارس تدعم صحة الفرضية السابقة .
فمعروف أن أوباما كان انتقد الاستيطان الإسرائيلي خلال حملته الانتخابية ، وفي ذروة محاولاته لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل ، فوجىء بضربة موجعة ، حيث تعمدت تل أبيب استغلال فرصة زيارة بايدن للمنطقة للإعلان في 10 مارس عن بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة فى القدس الشرقية المحتلة وهو الأمر الذي قوبل بانتقادات عربية وعالمية واسعة النطاق .
وما ضاعف من مأزق إدارة أوباما في هذا الصدد أن القرار الاستيطاني الإسرائيلي جاء في أعقاب موافقة لجنة متابعة مبادرة السلام العربية على اقتراح أمريكي بإجراء مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين وتل أبيب ، ولذا سارعت هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية لإدانة القرار , مشيرة إلى أنه كان بمثابة صفعة لنائب الرئيس الأمريكي جو بايدن وإهانة للولايات المتحدة.
وأضافت كلينتون فى مقابلة متلفزة أوردها "راديو سوا" في 13 مارس أن انتظار المسئولين الإسرائيليين وصول بايدن إلى تل أبيب لإعلان السماح ببناء استيطاني في القدس الشرقية كان "صفعة لنائب الرئيس الأمريكي ".
وأضافت "كان ذلك أمرا مهيناً ليس فقط لنائب الرئيس الذي بالتأكيد لم يكن يستحق ذلك ، فهو ذهب برسالة واضحة لدعم عملية السلام والتضامن مع شعب إسرائيل , بل كان إهانة للولايات المتحدة نفسها".
والخلاصة أن أوباما الذي جاء مبشرا بتغيير الإرث الكارثي داخليا وخارجيا لسلفه جورج بوش لم يستطع إنجاز أي من وعوده بل وباتت شعبيته في تراجع مستمر .